كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: وَقَوْلُ الْأَنْوَارِ يُسْتَحَبُّ بَعِيدٌ) كَتَبَ عَلَيْهِ م ر.
(قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ) إلَى قَوْلِهِ: نَعَمْ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُ الْمَتْنِ، وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْقَاضِيَ إلَخْ) هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى الْجَزَاءِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الشَّرْطِ، وَانْظُرْ هَلْ مِثْلُ ذَلِكَ سَائِغٌ. اهـ. رَشِيدِيٌّ (قَوْلُ الْمَتْنِ نَصْبُ مُسَخَّرٍ) وَأُجْرَتُهُ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ عَلَى الْغَائِبِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ مَصَالِحِهِ حَلَبِيٌّ. اهـ. بُجَيْرِمِيُّ.
(قَوْلُ الْمَتْنِ يُنْكِرُ إلَخْ) أَيْ: يَقُولُ لَيْسَ لَك عَلَيْهِ مَا تَدَّعِيهِ. اهـ.
بُجَيْرِمِيُّ، وَقَالَ ع ش وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ فِي إنْكَارِهِ عَلَى الْغَائِبِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: مِمَّنْ يَأْتِي) أَيْ: الصَّبِيِّ، وَالْمَجْنُونِ، وَالْمَيِّتِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) إلَى قَوْلِهِ: خُرُوجًا فِي الْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَقَوْلُ الْأَنْوَارِ يُسْتَحَبُّ) جَرَى عَلَيْهِ الرَّوْضُ، وَالنِّهَايَةُ عِبَارَتُهُ نَعَمْ يُسْتَحَبُّ نَصْبُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ، وَغَيْرِهِ. اهـ.
وَقَوْلُهُ: بَعِيدٌ جَرَى عَلَيْهِ الْأَسْنَى، وَالْمُغْنِي عِبَارَتُهُ قَالَ أَيْ: فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ، وَمُقْتَضَى هَذَا التَّوْجِيهِ أَيْ: لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مُقِرًّا إلَخْ.
أَنَّهُ لَا يَجُوزُ نَصْبُهُ لَكِنْ الَّذِي ذَكَرَهُ الْعَبَّادِيُّ، وَغَيْرُهُ أَنَّ الْقَاضِيَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ النَّصْبِ، وَعَدَمِهِ انْتَهَى فَقَوْلُ ابْنِ الْمُقْرِي أَنَّ نَصْبَهُ مُسْتَحَبٌّ قَالَ شَيْخُنَا قَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ قُلْت إلَخْ) مُؤَيِّدٌ لِقَوْلِ الْأَنْوَارِ.
(قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُهُ) أَيْ: كَوْنُ الْخِلَافِ قَوِيًّا.
(قَوْلُهُ: عَلَى الْمُتَمَرِّدِ) أَيْ: الْمُمْتَنِعِ مِنْ الْحُضُورِ لِمَجْلِسِ التَّبَرُّعِ بِلَا عُذْرٍ.
(قَوْلُهُ: وَالْخِلَافُ الْقَوِيُّ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ صَرِيحِ الْمَتْنِ قُوَّةُ الْخِلَافِ.
(قَوْلُهُ: كَيْفَ، وَهُوَ) أَيْ: الْمَدْرَكُ.
(قَوْلُهُ: نَوْعُ حَاجَةٍ) وَهُوَ أَنْ تَكُونَ الْحُجَّةُ عَلَى إنْكَارِ مُنْكِرٍ. اهـ.
شَيْخُ الْإِسْلَامِ.
(قَوْلُهُ: فِي هَذَا) أَيْ: عَدَمِ لُزُومِ نَصْبِ الْمُسَخَّرِ.
(قَوْلُهُ: فِيمَا يَأْتِي) أَيْ: فِي وُجُوبِ يَمِينِ الِاسْتِظْهَارِ هُنَا دُونَ الْمُتَمَرِّدِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.
(وَيَجِبُ) فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْغَائِبِ وَكِيلٌ حَاضِرٌ إنْ كَانَتْ الدَّعْوَى بِدَيْنٍ، أَوْ عَيْنٍ، أَوْ بِصِحَّةِ عَقْدٍ، أَوْ إبْرَاءٍ كَأَنْ أَحَالَ الْغَائِبُ عَلَى مَدِينٍ لَهُ حَاضِرٍ فَادَّعَى أَنَّهُ مُكْرَهٌ عَلَيْهِ (أَنْ يُحَلِّفَهُ بَعْدَ الْبَيِّنَةِ)، وَتَعْدِيلِهَا (أَنَّ الْحَقَّ) فِي الصُّورَةِ الْأُولَى (ثَابِتٌ فِي ذِمَّتِهِ) إلَى الْآنَ احْتِيَاطًا لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ حَضَرَ لَرُبَّمَا ادَّعَى مَا يُبْرِيهِ.
وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَقُولَ مَعَ ذَلِكَ، وَأَنَّهُ يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ عَلَيْهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ أَدَاؤُهُ لِتَأْجِيلٍ، أَوْ نَحْوِهِ، وَظَاهِرٌ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ هَذَا لَا يَأْتِي فِي الدَّعْوَى بِعَيْنٍ بَلْ يَحْلِفُ فِيهَا عَلَى مَا يَلِيقُ بِهَا، وَكَذَا نَحْوُ الْإِبْرَاءِ كَمَا يَأْتِي، وَأَنَّهُ لَابُدَّ أَنْ يَتَعَرَّضَ مَعَ الثُّبُوتِ، وَلُزُومِ التَّسْلِيمِ إلَى أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّ فِي شُهُودِهِ قَادِحًا فِي الشَّهَادَةِ مُطْلَقًا، أَوْ بِالنِّسْبَةِ لِلْغَائِبِ كَفِسْقٍ، وَعَدَاوَةٍ، وَتُهْمَةٍ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَوْ كَانَ حَاضِرًا، وَطَلَبَ تَحْلِيفَ الْمُدَّعِي عَلَى ذَلِكَ أُجِيبَ، وَلَا يَبْطُلُ الْحَقُّ بِتَأْخِيرِ هَذِهِ الْيَمِينِ، وَلَا تَرْتَدُّ بِالرَّدِّ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مُكَمِّلَةً لِلْحُجَّةِ، وَإِنَّمَا هِيَ شَرْطٌ لِلْحُكْمِ، وَلَوْ ثَبَتَ الْحَقُّ، وَحَلَفَ ثُمَّ نُقِلَ إلَى حَاكِمٍ آخَرَ لِيَحْكُمَ بِهِ لَمْ تَجِبْ إعَادَتُهَا عَلَى الْأَوْجَهِ أَمَّا إذَا كَانَ لَهُ وَكِيلٌ حَاضِرٌ فَهَلْ يَتَوَقَّفُ التَّحْلِيفُ عَلَى طَلَبِهِ، وَجْهَانِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمَا تَوَقُّفُهُ عَلَيْهِ، وَاعْتَمَدَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَاسْتَشْكَلَهُ فِي التَّوْشِيحِ بِأَنَّهُ إذَا كَانَ لَهُ وَكِيلٌ حَاضِرٌ لَمْ يَكُنْ قَضَاءً عَلَى غَائِبٍ، وَلَمْ تَجِبْ يَمِينٌ جَزْمًا، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ وَلِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْخُصُومَاتِ فِي نَحْوِ الْيَمِينِ بِالْمُوَكِّلِ لَا الْوَكِيلِ فَهُوَ قَضَاءٌ عَلَى غَائِبٍ بِالنِّسْبَةِ لِلْيَمِينِ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُ الْبُلْقِينِيِّ لِلْقَاضِي سَمَاعُ الدَّعْوَى عَلَى غَائِبٍ، وَإِنْ حَضَرَ وَكِيلُهُ لِوُجُودِ الْغَيْبَةِ الْمُسَوِّغَةِ لِلْحُكْمِ عَلَيْهِ، وَالْقَضَاءُ إنَّمَا يَقَعُ عَلَيْهِ أَيْ: فِي الْحَقِيقَةِ، أَوْ بِالنِّسْبَةِ لِلْيَمِينِ، فَالْحَاصِلُ أَنَّ الدَّعْوَى إنْ سُمِعَتْ عَلَى الْوَكِيلِ تَوَجَّهَ الْحُكْمُ إلَيْهِ دُونَ مُوَكِّلِهِ إلَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْيَمِينِ احْتِيَاطًا لِحَقِّ الْمُوَكِّلِ، وَإِنْ لَمْ تُسْمَعْ عَلَيْهِ تَوَجَّهَ الْحُكْمُ إلَى الْغَائِبِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فِي الْيَمِينِ، وَغَيْرِهَا.
تَنْبِيهٌ:
عُلِمَ مِنْ كَلَامِ الْبُلْقِينِيِّ أَنَّ الْقَاضِيَ فِيمَنْ لَهُ وَكِيلٌ حَاضِرٌ مُخَيَّرٌ بَيْنَ سَمَاعِ الدَّعْوَى عَلَى الْوَكِيلِ، وَسَمَاعِهَا عَلَى الْغَائِبِ إذَا وُجِدَتْ شُرُوطُ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ، وَلَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَحَدُ هَذَيْنِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُتَوَصَّلُ بِهِ إلَى الْحَقِّ فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ شُرُوطُ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ وُجُوبُ سَمَاعِهَا عَلَى الْوَكِيلِ حِينَئِذٍ لِئَلَّا يَضِيعَ حَقُّ الْمُدَّعِي، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: إنَّ الْحَقَّ ثَابِتٌ فِي ذِمَّتِهِ مَا لَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ كَدَعْوَى قِنٍّ عِتْقًا، أَوْ امْرَأَةٍ طَلَاقًا عَلَى غَائِبٍ، وَشَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ حِسْبَةً عَلَى إقْرَارِهِ بِهِ فَلَا يَحْتَاجُ لِلْيَمِينِ إذَا لَاحَظَ جِهَةَ الْحِسْبَةِ، وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ فِي الْعِتْقِ، وَأَلْحَقَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ الطَّلَاقَ، وَنَحْوَهُ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى الْمُتَعَلِّقَةِ بِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِنَحْوِ بَيْعٍ، وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِهِ، أَوْ بِالْإِقْرَارِ بِهِ، وَطَلَبَ الْحُكْمَ بِثُبُوتِهِ فَإِنَّهُ يُجِيبُهُ لِذَلِكَ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي الْجَوَاهِرِ، وَحِينَئِذٍ يَجِبُ أَنْ يَحْلِفَ خَوْفًا مِنْ مُفْسِدٍ قَارَنَ الْعَقْدَ، أَوْ طُرُوُّ مُزِيلٍ لَهُ، وَيَكْفِي أَنَّهُ الْآنَ مُسْتَحِقٌّ لِمَا ادَّعَاهُ (وَقِيلَ: يُسْتَحَبُّ) التَّحْلِيفُ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ التَّدَارُكُ إنْ كَانَ لَهُ دَافِعٌ، وَيَقَعُ أَنَّ الْحَاضِرَ بِالْبَلَدِ يُوَكِّلُ مَنْ يَدَّعِي عَلَى الْغَائِبِ حَتَّى يَنْفِيَ عَنْهُ يَمِينَ الِاسْتِظْهَارِ أَخْذًا مِنْ ظَوَاهِرِ عِبَارَاتٍ تَقْتَضِي ذَلِكَ، وَلَيْسَ بِصَوَابٍ، بَلْ الْمَجْزُومُ بِهِ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَابُدَّ مِنْ حَلِفِ الْمُوَكِّلِ، وَتِلْكَ الْعِبَارَاتُ مَحْمُولَةٌ عَلَى وَكِيلِ الْغَائِبِ أَيْ: إلَى مَحَلٍّ تُسْمَعُ عَلَيْهِ الدَّعْوَى فِيهِ لَا مُطْلَقًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَسَكَتُوا عَنْ التَّصْرِيحِ بِذَلِكَ لِوُضُوحِهِ.
تَنْبِيهٌ:
ادَّعَى عَلَى غَائِبٍ بِنَحْوِ طَلَاقٍ كَأَنْ عَلَّقَهُ بِمُضِيِّ شَهْرٍ فَمَضَى حَكَمَ بِهِ، وَلَا يُنْتَظَرُ، وَإِنْ احْتَمَلَ أَنَّ تَخَلُّفَهُ بِعُذْرٍ كَمَا مَرَّ مَبْسُوطًا أَوَاخِرَ الطَّلَاقِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ السُّبْكِيّ وُجُوبُ يَمِينِ الِاسْتِظْهَارِ حَتَّى فِي الطَّلَاقِ أَيْ: إذَا لَمْ يُلَاحِظْ فِيهِ الْحِسْبَةُ فَإِنَّهُ أَفْتَى فِيمَنْ قَالَ: إنْ مَضَتْ مُدَّةُ كَذَا، وَلَمْ أَدْخُلْ بِهَا فَهِيَ طَالِقٌ فَانْقَضَتْ الْمُدَّةُ، وَهُوَ غَائِبٌ بِأَنَّهُ إنْ شَهِدَ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ بِبَكَارَتِهَا، وَحَلَفَتْ عَلَى عَدَمِ الدُّخُولِ لِأَجْلِ غَيْبَتِهِ حُكِمَ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ فَقَوْلُهُ: وَحَلَفَتْ بِالْوَاوِ لَا بِأَوْ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي نُسَخٍ تَحْرِيفًا، وَتَعْلِيلُهُ بِقَوْلِهِ: لِأَجْلِ غَيْبَتِهِ صَرِيحٌ فِي أَنَّهَا يَمِينُ اسْتِظْهَارٍ، وَقَدْ يُجْمَعُ بِأَنَّ الْأَوَّلَ فِي بَيِّنَةٍ شَهَادَةٌ بِإِقْرَارِهِ فَهُوَ الْمُقَصِّرُ بِهِ فَلَمْ يَحْتَجْ لِلِاسْتِظْهَارِ فِي حَقِّهِ وَهَذَا فِي بَيِّنَةٍ شَاهِدَةٍ بِفِعْلِهِ، وَهُوَ لِضَعْفِ دَلَالَتِهِ يَحْتَاجُ لِمُقَوٍّ فَوَجَبَتْ هَذَا، وَالْأَوْجَهُ إطْلَاقُ وُجُوبِهَا؛ لِأَنَّهُ الْأَنْسَبُ بِالِاحْتِيَاطِ الْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ أَمْرُ الْغَائِبِ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ مَا إذَا عَلَّقَ بِعَدَمِ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا فَتَحْلِفُ أَنَّ نَفَقَتَهَا بَاقِيَةٌ عَلَيْهِ مَا بَرِئَ مِنْهَا بِطَرِيقٍ مِنْ الطُّرُقِ، وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهَا فِي قَاضٍ جَعَلَهُ الْمَيِّتُ، وَصِيًّا، وَاعْتَرَفَ عِنْدَهُ بِدَيْنٍ عَلَيْهِ لِفُلَانٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ لَهُ الْقَضَاءَ بِعِلْمِهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، بَلْ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُبْرِئُهُ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ فَاحْتِيجَ لِيَمِينِ الِاسْتِظْهَارِ لِنَفْيِ ذَلِكَ، وَنَحْوِهِ، وَبِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ، وَهُوَ مَرِيضٌ، وَأَوْصَى بِقَضَائِهِ، وَفِي الْوَرَثَةِ يَتِيمٌ اُحْتِيجَ لِيَمِينِ الِاسْتِظْهَارِ إنْ مَضَى بَعْدَ الْإِقْرَارِ إمْكَانُ أَدَائِهِ، وَفِيهِ إيهَامٌ، وَالْوَجْهُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ تَلْزَمُهُ يَمِينٌ بِأَنَّ الْإِقْرَارَ حَقٌّ، وَبِبَقَاءِ الدَّيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَمْضِ مُدَّةُ إمْكَانِ أَدَائِهِ لِاحْتِمَالِ الْإِبْرَاءِ، أَوْ نَحْوِهِ (وَيَجْرِيَانِ) أَيْ: الْوَجْهَانِ كَمَا قَبْلَهُمَا مِنْ الْأَحْكَامِ (فِي دَعْوَى عَلَى صَبِيٍّ، وَمَجْنُونٍ) لَا وَلِيَّ لَهُ، أَوْ لَهُ وَلِيٌّ، وَلَمْ يَطْلُبْ فَلَا تَتَوَقَّفُ الْيَمِينُ عَلَى طَلَبِهِ، وَمَيِّتٍ لَيْسَ لَهُ، وَارِثٌ خَاصٌّ حَاضِرٌ كَالْغَائِبِ، بَلْ، أَوْلَى لِعَجْزِهِمْ عَنْ التَّدَارُكِ فَإِذَا كَمَّلَا، أَوْ قُدِّمَ الْغَائِبُ فَهُمْ عَلَى حُجَّتِهِمْ أَمَّا مَنْ لَهُ وَارِثٌ خَاصٌّ حَاضِرٌ كَامِلٌ فَلَابُدَّ فِي تَحْلِيفِ خَصْمِهِ بَعْدَ الْبَيِّنَةِ مِنْ طَلَبِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِي الْوَلِيِّ ظَاهِرٌ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ لَمْ يَتَوَقَّفْ عَلَى طَلَبِهِ إلَّا إنْ حَضَرَ مَعَهُ كُلُّ الْغُرَمَاءِ، وَسَكَتُوا نَعَمْ إنْ سَكَتَ عَنْ طَلَبِهَا لِجَهْلٍ عَرَفَهُ الْحَاكِمُ فَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهَا قَضَى عَلَيْهِ بِدُونِهَا، وَخَرَجَ بِمَنْ ذُكِرَ مُتَعَزِّزٌ، وَمُتَوَارٍ فَيُقْضَى عَلَيْهِمَا بِلَا يَمِينٍ كَمَا يَأْتِي لِتَقْصِيرِهِمَا.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: فِي الصُّورَةِ الْأُولَى)، وَيُحَلِّفُهُ فِي غَيْرِهَا بِمَا يُنَاسِبُهُ كَأَنْ يُحَلِّفَهُ فِي صُورَةِ الْعِتْقِ الْآتِيَةِ أَنَّ عِتْقَهُ صَدَرَ مِنْ سَيِّدِهِ، أَوْ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ هَذَا إنْ قُلْنَا بِالتَّحْلِيفِ فِي ذَلِكَ عَلَى مَا يَأْتِي.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مُكَمِّلَةً لِلْحُجَّةِ، وَإِنَّمَا هِيَ شَرْطٌ لِلْحُكْمِ) فِي الْقُوتِ فَرْعٌ إذَا أَوْجَبْنَا الْيَمِينَ فِي الْحُكْمِ عَلَى الْغَائِبِ، وَنَحْوِهِ فَحَكَمَ عَلَيْهِ قَبْلَ التَّحْلِيفِ فَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ بَلْ الْيَمِينُ رُكْنٌ فِيهِ، أَوْ شَرْطٌ. اهـ.
(قَوْلُهُ: لَمْ تَجِبْ إعَادَتُهَا) فِي الْقُوتِ فَرْعٌ، وَكَّلَهُ فِي شِرَاءِ مِلْكٍ بِبَلَدِ آخَرَ فَفَعَلَ، وَأَثْبَتَهُ الْوَكِيلُ عَلَى قَاضِي بَلَدِ الْبَائِعِ، وَحَكَمَ فِيهِ بِالصِّحَّةِ، ثُمَّ نَفَّذَهُ حَاكِمٌ آخَرُ، ثُمَّ نَقَلَ الْوَكِيلُ الْكِتَابَ إلَى بَلَدِ مُوَكِّلِهِ، وَطَلَبَ مِنْ حَاكِمِ بَلَدِهِ تَنْفِيذَهُ فَهَلْ يَتَوَقَّفُ تَنْفِيذُ الْحَاكِمِ عَلَى تَحْلِيفِ الْمُوَكِّلِ أَفْتَى الشَّيْخُ بُرْهَانُ الدِّينِ الرَّاعِي وَالشَّيْخُ نَجْمُ الدِّينِ الْوَفَاتِيُّ مِنْ مَعَاصِرِي الْمُصَنِّفِ بِدِمَشْقَ بِأَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى تَحْلِيفِهِ، فَإِنْ سَلِمَ ذَلِكَ عَنْ مُنَازَعَةٍ اُسْتُثْنِيَ هُوَ، وَأَمْثَالُهُ عَنْ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ، وَغَيْرِهِ لِأَنَّهُ قَضَاءٌ عَلَى غَائِبٍ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمَا تَوَقُّفُهُ عَلَيْهِ) جَزَمَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ.
(قَوْلُهُ: إلَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْيَمِينِ) أَيْ: إنْ طَلَبَهَا الْوَكِيلُ كَمَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَضِيَّةُ كَلَامِهِمَا.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ تُسْمَعْ إلَخْ) ظَاهِرُ هَذَا الْكَلَامِ صِحَّةُ سَمَاعِ الدَّعْوَى عَلَى الْغَائِبِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي وَجْهِ وَكِيلِهِ، وَعَلَيْهِ يُخَالِفُ مَا يَأْتِي فِي هَامِشِ الصَّفْحَةِ الْآتِيَةِ أَنَّ الدَّعْوَى عَلَى الْمَيِّتِ لَا تُسْمَعُ إلَّا فِي وَجْهِ وَارِثِهِ إنْ حَضَرُوا، أَوْ بَعْضُهُمْ، وَالْفَرْقُ مُمْكِنٌ.
(قَوْلُهُ: مُخَيَّرٌ بَيْنَ سَمَاعِ الدَّعْوَى عَلَى الْوَكِيلِ إلَخْ) يُوَافِقُ ذَلِكَ مَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ أَنَّهُ لَوْ حَكَمَ عَلَى الْغَائِبِ فَبَانَ لَهُ وَكِيلٌ حَاضِرٌ نَفَذَ الْحُكْمُ انْتَهَى إذْ لَوْ تَوَقَّفَ الْحُكْمُ عَلَى الدَّعْوَى عَلَى الْوَكِيلِ إذَا كَانَ حَاضِرًا لَمْ يَصِحَّ مَعَ حُضُورِهِ عِنْدَ الْجَهْلِ وَجَبَ يَمِينُ الِاسْتِظْهَارِ مُطْلَقًا، أَوْ عَلَى الْوَكِيلِ لَمْ يَجِبْ إلَّا بِطَلَبِ الْوَكِيلِ كَذَا قَالَ م ر وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ السَّابِقِ إلَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْيَمِينِ.
(قَوْلُهُ: عَلَى إقْرَارِهِ) اُنْظُرْ ذِكْرَ الْإِقْرَارِ هُنَا، وَفِي التَّنْبِيهِ الْآتِي هَلْ يُخَالِفُهُ عَدَمُ سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ إذَا قَالَ: هُوَ مُقِرٌّ، أَوْ لَا لِنَحْوِ حَمْلِ هَذَا عَلَى مُسَوِّغِ السَّمَاعِ مَعَ الْإِقْرَارِ مِمَّا تَقَدَّمَ فَلْيُرَاجَعْ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُوَجَّهَ السَّمَاعُ مَعَ الْإِقْرَارِ بِأَنَّ غَرَضَ الْعَبْدِ الِاسْتِيلَاءُ عَلَى نَفْسِهِ، وَالِاسْتِقْلَالُ، وَكَذَا الزَّوْجَةُ، وَغَرَضُ مُدَّعِي نَحْوِ الْبَيْعِ الِاسْتِيلَاءُ عَلَى الْمَبِيعِ، وَأَنْ يُمَكِّنَهُمْ الْقَاضِي مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مُدَّعِي الدَّيْنِ إذَا كَانَ غَرَضُهُ أَنْ يُوَفِّيَهُ الْقَاضِي مِنْ مَالِ الْغَائِبِ الْحَاضِرِ حَيْثُ تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ، وَإِنْ قَالَ: هُوَ مُعْسِرٌ كَمَا تَقَدَّمَ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: فَلَا يَحْتَاجُ لِلْيَمِينِ) هَذَا قَدْ أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ، فَإِنَّهُ سُئِلَ هَلْ يَخْتَصُّ يَمِينُ الِاسْتِظْهَارِ بِالْأَمْوَالِ، أَوْ يَجْرِي فِي غَيْرِهَا كَالْعِتْقِ، وَالطَّلَاقِ فَأَجَابَ بِالِاخْتِصَاصِ بِهَا، وَلَا يُنَافِيهِ مَا أَفْتَى بِهِ أَيْضًا مِنْ تَحْلِيفِهَا فِيمَا إذَا عَلَّقَ الزَّوْجُ بِعَدَمِ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا الْآتِي فِي قَوْلِ الشَّارِحِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ إلَخْ.
لِأَنَّ تَحْلِيفَهَا إنَّمَا هُوَ مِنْ جِهَةِ الْمَالِ الَّذِي تَضَمَّنَتْهُ دَعْوَاهَا، وَلَا يَخْفَى مُخَالَفَةُ فَتْوَى شَيْخِنَا لِمَا يَأْتِي عَنْ ظَاهِرِ كَلَامِ السُّبْكِيّ فَلْيُتَأَمَّلْ.